من صلالة إلى مسقط.. وجه جديد للسياحة العُمانية

عمان – معين درويش

منذ سنوات طويلة، كانت وما زالت صلالة تمثّل الصورة الأولى للسياحة العُمانية في ذهن الخليجيين؛ جوهرة الجنوب ذات المناخ البارد والطبيعة الخلابة التي تتألق في موسم الخريف، وتجذب مواطني الخليج والبحرين عاماً بعد عام. لكن هذه الصورة، وعلى الرغم من جمالها، لا تكتمل دون مسقط؛ العاصمة التي تقف اليوم كالعقيق العُماني، حجر ثمين يجمع بين الأصالة والحداثة في مشهد سياحي متكامل يستحق أن يُعاد اكتشافه خليجياً.

وخلال السنوات الماضية، اختارت سلطنة عُمان التوجّه مباشرة إلى السوق الأوروبية بحملات متقدمة ومهنية في الترويج السياحي.

وتقدّم مسقط اليوم ما يبحث عنه كل زائر، باختلاف اهتماماته وتوجهاته؛ فمحبو التاريخ والتراث يجدون المتحف الوطني، الذي يعرض إرثاً عُمانياً ممتداً بطرق حديثة ومبهرة. ومن يعشق الأسواق التقليدية يجد في سوق مطرح وسوق نزوى تجربة أصيلة مليئة بالمنتجات المحلية من اللبان والحلوى والفضيات والمشغولات اليدوية.

أما عشاق الطبيعة والمرتفعات، فالجبل الأخضر، بارتفاع يقترب من 3 آلاف متر فوق سطح البحر، يوفر مشاهد جمالية استثنائية، من مزارع الرمان والجوز إلى المدرجات الزراعية التي لا تشبه أي مشهد آخر في الخليج.

ولا تتوقف التجربة السياحية عند ذلك؛ فالسلطنة تقدّم طيفاً واسعاً من الأنشطة والوجهات، من أبرزها: قرى تراثية، قلاع تاريخية، متاحف متعددة، جبال ومسارات للتسلق، وديان وأنهار موسمية، منتجعات فاخرة، شواطئ بكر، أسواق شعبية، ومجمعات تجارية حديثة. هذا التنوع هو ما جعل التجربة العُمانية قادرة على إرضاء مختلف أنواع الزوار، من محبي المغامرة إلى الباحثين عن الراحة والرفاهية. وعلى الرغم من تركيز وزارة السياحة على أوروبا، فإن نجاح الحملة لم يكن دعائياً فقط؛ فقد جاءت عودة الأوروبيين مراراً نتيجة رضا واسع عن جودة الخدمات، وبنية تحتية متينة، ومعايير عليا في النظافة والضيافة وإدارة المقاصد السياحية. ويظل عنصر الأمان أبرز ما تتميّز به السلطنة، إذ تُصنّف حالياً ضمن أكثر دول العالم أمناً وفق مؤشر الأمان العالمي «نامبيو»، ما يجعل التجربة السياحية فيها أكثر طمأنينة وراحة.

وقد انعكس كل ذلك في الأرقام؛ إذ ارتفع عدد زوار مسقط من نحو مليون سائح في عام 2003 إلى ما يقارب 4 ملايين زائر في 2024، فيما ارتفع عدد المنشآت الفندقية من 133 إلى أكثر من 813 منشأة خلال الفترة نفسها.