مشروع الهند العظمى مؤجّل | صحيفة الوطن


يتعرض مشروع الهند العظمى وطموحات رئيس الوزراء (نارندرا مودي) لجعل الهند قوة اقتصادية وعسكرية كبرى اليوم إلى تحديات جمة وأبرزها الثورات التي قادها مؤخراً الشباب في كل من بنغلاديش وكمبوديا وحالة القرب بين باكستان -خصمها في المنطقة- مع الصين والسعودية.

الهند صاحبة التعداد السكاني الأكبر والاقتصاد الأضخم والقوة العسكرية الأبرز في جنوب آسيا تعد الخيار الأول للتجارة والطاقة وتوفير فرص العمل بالنسبة للدول المحيطة بها، كما أنها صمام الأمان للنخب السياسية في المنطقة، وكانت تقدم لهم الدعم اللازم لبقائهم في السلطة. لكن ثورة شباب الجامعات في بنغلاديش في أغسطس ٢٠٢٤ ضد رئيسة الوزراء (حسينة) المدعومة من الهند، والتي استمرّت في منصبها ١٥ عاماً أضعفت التأثير والنفوذ الهندي في المنطقة.

وبعد عام واحد على الثورة البنغلاديشية جاءت ثورة الشباب في كمبوديا، والتي تربطها حدود برية مع الهند تمتد لأكثر من ١٧٠٠ كليومتر لتزيد الطين بلة بالنسبة للهنود ورغبتهم في الصعود إلى مصاف القوى الكبرى؛ نظراً لعدم قدرتهم على منع الاضطرابات وضمان الاستقرار في محيطهم الإقليمي.

المعضلة أن السياسيين الهنود يخشون الآن من انتقال عدوى الثورات المجاورة خاصة في ظل وصول معدلات البطالة بين الشباب الهندي إلى مستويات غير مسبوقة؛ مما دفع الدولة الهندية إلى تشديد الرقابة على الجامعات، وعلى التجمعات الطلابية ووضع قيود على الدعوات إلى تحركات سياسية شبابية عبر الإنترنت ومنصات التواصل. من جانب آخر، فإن عودة طالبان في أفغانستان تنذر بدخول ميليشيات تثير الفوضى في منطقة كشمير المتنازع عليها مع باكستان؛ مما يعني استمرار عدم استقرار الجبهة الشمالية الغربية للهند. يضاف إلى ذلك تقارب باكستان مع الصين التي تدعمها عسكرياً، وتقاربها أيضاً مع الرياض التي تدعمها مالياً كلها أسباب تجعل من الهند في حالة قلق؛ بسبب عدم قدرتها على بسط نفوذها على الدول التي حولها وهو -أي بسط النفوذ- من خصائص الدول العظمى.

لهذا فإن انشغال الهند في إطفاء الحرائق المشتعلة في محيطها يؤخر إبراز قوتها في ما يعرف بمنطقة «Indo – Pacific» الواسعة ويجعلها أقل قدرة على مضاهاة النفوذ العسكري والاقتصادي الصيني في ذات المنطقة. ومعروف أن الصين تقف حجر عثرة أمام دخول الهند لعدد من المنظمات الدولية حيث تعترض رسمياً على انضمامها إلى مجلس الأمن، وترفض دخولها في مجموعة الموردين النوويين وهي المنظمة الدولية التي تهدف إلى منع انتشار الأسلحة النووية؛ مما يجعل الهند معزولة عن أندية «الكبار» وبذلك يتعطل -حتى الآن- حلمها لتصبح دولة عظمى.

تحليق منفرد

تستضيف دول الخليج الملايين من الهنود الذين تعتمد عليهم الاقتصادات الخليجية بشكل كبير؛ فهل طموحات التفوق العسكري والاقتصادي الهندية ستؤثر على ديناميكية العلاقة بين الجالية الهندية ودول الخليج؟ حسب المعطيات، أعتقد ذلك، وهو أمر يحتاج إلى حذر وتقييم دقيق.


مصدر الخبر

شاهد أيضاً

تقرير هيئة «جودة التعليم والتدريب»

ثلاث فرص عمل.. لكل عاطل

لطالما شكّلت قضية الباحثين عن فرص عمل (أو العاطلين) هاجساً مجتمعياً واسع النطاق، خصوصاً ما …