ملتقى الصحفيات الخليجيات بالكويت وفكرة تدوير التجارب

للمرة الرابعة، احتضنت دولة الكويت الحبيبة ملتقى الصحفيات الخليجيات، على أن تستضيف نسخته الخامسة في عام 2026، في عام تحتفل فيه الكويت بكونها عاصمة الثقافة والإعلام العربي 2025.

بالنسبة لي، كانت هذه المشاركة الثانية، لكنها كانت مختلفة تماماً عن كل ما سبق؛ مختلفة في روحها، وفي التنظيم، وفي تلك الحفاوة الدافئة التي رافقتنا منذ الاستقبال في مطار الكويت الدولي وحتى لحظة المغادرة.

شارك في الملتقى 30 صحفية من مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بتنظيم مشترك بين اتحاد الصحفيين الخليجيين وجمعية الصحفيين الكويتية، وقد حظي الملتقى برعاية كريمة من وزير الإعلام والثقافة ووزير الدولة لشؤون الشباب، معالي السيد عبدالرحمن بداح المطيري، الذي لم يكتفِ بالرعاية الرسمية، بل كان حاضراً بيننا في كل محطة من محطات الملتقى.

حضر حفل العشاء الذي أقامته مديرة الملتقى والزميلة العزيزة رابعة مكي الجمعة في ديوان بوخمسين، والتقى المشاركات في جلسة عفوية ودافئة قبل انطلاق الفعاليات، بعيداً عن الرسميات، وفي أجواء تعكس احترامه الحقيقي للمرأة الإعلامية الخليجية ولدور هذه الملتقيات.

وسط كل تلك التفاصيل الجميلة، كانت هناك نقطة محورية أثارها الوزير في كلمته، وأعتبرها شخصياً الأهم في هذا الملتقى، وهي أهمية تدوير استضافة ملتقى الصحفيات الخليجيات بين دول الخليج.

فالتجارب لا تنقل من منصة واحدة، ولا تختزل في دولة واحدة، ولا تنمو داخل جدران محددة سلفاً، إن تدوير الملتقى يعني أن تطلّع كل صحفية خليجية على بيئات وتجارب مختلفة، وأن ترى التطور على أرض الواقع، وأن تتعرّف على مبادرات حقيقية لا تُحكى فقط في محاضرات، بل تُعاش وتُلمس.

الفكرة رسالة مفادها أن التجربة الخليجية ثرية ومتشعبة ومتنوعة، وأن على الإعلاميات الخليجيات أن يعشن هذه التنوعات ليعدن إلى أوطانهن برؤى أوسع وقدرة أكبر على فهم الواقع، وبالتالي على صناعته.

وقد جاءت نسخة هذا العام تحت محور مهم «السردية الخليجية للمرأة في الصحافة الخليجية»، ولا سيما في ظل التطور الرقمي المتسارع وظهور أدوات الذكاء الاصطناعي التي باتت قادرة على “صناعة” مذيعة افتراضية أو إنتاج محتوى كامل بدقة مذهلة.

لكن هناك تساؤلات جوهرية، هل نريد ذكاءً اصطناعياً يصنع مذيعات، أم نريد فكراً خليجياً يصنع محتوى حقيقياً، وصحفيات وإعلاميات قادرات على التحليل السياسي فهو جوهر نفقده كثيراً في قنواتنا الإعلامية، وكيف نغذّي أدوات الذكاء الاصطناعي بقضايا المرأة الخليجية؟ كيف نحمي سرديتنا من الاستيراد؟ وكيف نضمن أن تكون المرأة الخليجية التي باتت وزيرة وقاضية وقائدة ومشاركة في قطاع الفضاء حاضرة في المحتوى الإعلامي بما يليق بدورها؟

إحدى الجلسات تطرقت إلى التجربة البحرينية، وإلى الجهود المنظمة للمجلس الأعلى للمرأة في تمكين المرأة البحرينية وإدماجها في التنمية، وهذا يؤكد أن لكل دولة نموذجاً يستحق أن يصل إلى الإعلاميات الأخريات، وأن تدوير الملتقى يعزز هذا التبادل الحيوي للمعرفة.

من دون مبالغة، كانت هذه النسخة من الملتقى من أكثر النسخ نضجاً وتنظيماً، بفضل جهود فريق الإعلام الخارجي، وعطاء الكوادر النسائية التي حرصت على إبراز دور المرأة الكويتية في التنمية، ولأن النجاح لا يأتي صدفة، فقد كان حضور الوزير المستمر حتى ليلة الوداع رسالة واضحة مفادها، الملتقى ليس حدثاً عابراً، بل استثماراً في الإعلاميات الخليجيات، وفي مستقبل السردية الإعلامية الخليجية.

غادرنا الكويت وهي تستعد بالفعل لاستضافة النسخة الخامسة عام 2026، وأثق كما يثق جميع من شارك أنها ستكون أفضل من الرابعة، ولكن بعد النسخة الخامسة، آن الأوان أن تبدأ رحلة تدوير الملتقى بين دول الخليج.


مصدر الخبر

شاهد أيضاً

تقرير هيئة «جودة التعليم والتدريب»

الشرف بأن تكون «خادماً»!! | صحيفة الوطن

ما أراه جميلاً، أن المشهد الإداري في بعض القطاعات الخدمية مازال يقدّم نماذج مشرّفة لمسؤولين …