تُعدّ ولاية نزوى من أبرز الوجهات السياحية في سلطنة عُمان، ويقف الجبل الأخضر في مقدمة هذه الوجهات منذ عقود طويلة. فبعد صلالة، يكاد يكون الجبل الأخضر هو العنوان الأبرز للسياحة في السلطنة، غير أن كثيرين يسمعون باسمه، دون أن يدركوا ماهيته الحقيقية أو ما الذي ينتظرهم عند الوصول إليه. وقد يظن البعض، لأول وهلة، أن الجبل الأخضر يشبه جبال سويسرا أو النمسا بطبقاتها الخضراء الممتدة، وهنا تكمن النقطة التي ينبغي أن يعرفها الزائر قبل أن يشد رحاله: الجبل الأخضر، ليس أخضر بلونه… بل بروحه.
إنه جبلٌ أخضر بأهله وقرى سكانه، أخضر بهويته العربية الصافية، أخضر بثماره المحلية التي تنمو في مدرجاته: الرمان العُماني، والزيت والزيتون، والخوخ والمشمش والورد. ولن تجد هنا غابات الأرز ولا أشجار الموز التي تغيّر ملامح الجبال في البلدان الاستوائية. حتى قرية «بركة الموز»، بوابة الجبل، تضم أشجار موز قليلة، بل يُظلّلها نخيل باسق، وتغذيها بركة مياه تتشكل من الأمطار وارتفاع منسوب فلجها الشهير.
وما إن تعرف هذه الحقيقة حتى تنظر للجبل الأخضر بعين مختلفة؛ فهنا لا تبحث عن طبيعة استوائية شديدة الخضرة، بل عن نوع آخر من الخُضرة… خُضرة القرى المنحوتة في صخور الجبال، وخُضرة البساطة الأصيلة التي تشبه ما كانت عليه قرى البحرين قبل 100 عام.
إنه عالم من الماضي يمشي على قدميه. أهالي الجبل يعيشون على سجيتهم، يأكلون مما يزرعون. في قرى الشريجة، والعقر، تتجسد حياة هادئة متجذرة في البساطة والألفة، يسكن معظم أهلها بيوتاً، وتحيط بهم مزارع المدرجات وبساتين الرمان والورد والزيتون والخوخ. لا مصانع هنا ولا ضجيج، بل إرث قديم يقتات أهله على العمل بأيديهم، يصنعون ماء الورد بالطريقة القديمة، ويستقبلون زائرهم بوجه بشوش وضيافة لا نظير لها. هنا يكمن معنى «الأخضر» الحقيقي.. أخضر الإنسان قبل المكان، وأخضر الروح قبل الشجر.
وللجبل الأخضر قصصه التي لا تنتهي، قصص أجيال مرّت على سفوحه، وأحداث عاشها سكانه، وحكايات تُروى على فنجان قهوة محلية أو شاي على نار هادئة، بينما تمتد أمامك الجبال على مدى البصر، كأنها سجادة من الصخر تحكي تاريخاً لا يُمحى.
لم تغفل سلطنة عُمان عن تهيئة الجبل الأخضر سياحياً ليكون وجهة متكاملة للزوار؛ فقد جرى ترميم عدد من القرى الأثرية التي أصبحت اليوم مقصداً للسائحين يستنشقون فيها عبق الماضي، ويستمتعون بإطلالاتها الساحرة على حواف الوديان الجبلية. أما المنتجعات المقامة في الجبل الأخضر، فهي ارتقت بالمكان إلى مستوى آخر من الجمال؛ منتجعات راقية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، تتربع على ارتفاع يفوق 2000 متر فوق سطح البحر، وتضم كل ما يحتاجه الزائر من استجمام وراحة ومناظر طبيعية فريدة.
وكل هذه المشروعات شُيّدت بعد عام 2010، في شهادة واضحة على النهضة السياحية والاقتصادية التي تعيشها عُمان، والتي جعلت الجبل الأخضر محطة بارزة للسياح من مختلف دول العالم، يجدون فيه ما يبحثون عنه من هدوء وجمال وتجربة سفر أصيلة.
مصدر الخبر
أخبار مصر اليوم اخبار مصرية حصرية