لندن وباريس حر..! | صحيفة الوطن

قبل بضعة أعوام زرت باريس زيارة ترانزيت خاطفة لمدة ليلة وخلالها سكنت في شقة صغيرة حجزتها عن طريق موقع متخصص في السفر، ولم أنتبه أنها غير مكيفة.

ولقد كانت تجربة السكن في تلك الشقة مريرة، حيث اضطررت أن أقضي ليلة كاملة في الحر الشديد، فلم تفلح محاولتي فتح الشباك لإدخال الهواء في تعديل الأجواء داخل الشقة.

وواجهت موقفاً أسوأ عندما قمت بجولة على الأقدام في شوارع باريس – التي تفتقر للأماكن المكيفة – في صباح اليوم التالي فالشمس كانت حارقة، وأثرت على نشاطي كثيراً.

حينها أيقنت أن برودة الجو في أوروبا أصبح أمراً من الماضي، وأن زيارة بلدانها خلال شهور الصيف فيها مخاطرة ومضيعة للأموال.

الأمر كان مشابهاً عند زيارتي الأخيرة للندن، والتي بات التجوال فيها خلال النهار مرهقاً؛ نظراً لارتفاع درجة الحرارة والرطوبة وندرة المواقع المكيفة فيها، فلم تعد لندن – التي كان الجو البارد عنصر جذب كبير لها – باردة كما كانت عليه في السابق.

لذلك لم يكن مفاجئاً عندما يطرح رأي في جريدة «الفاينينشال تايمز» البريطانية يحث على ضرورة أخذ موضوع تركيب المكيفات في كل من بريطانيا وأوروبا على محمل الجد فموجات الحر أصبحت أكثر حدة ومتكررة وطويلة في السنوات الأخيرة.

واستشهدت الجريدة بنماذج علمية تظهر أن عدد الوفيات من المتوقع أن يرتفع بنسبة تصل إلى 150٪؜ في برشلونة ولندن وباريس خلال موجات الحر الشديد في حال عدم اللجوء إلى حلول للتبريد على الناس.

وتبين أن 5٪؜ فقط من المنازل في بريطانيا مكيفة والنسبة تنخفض في ألمانيا إلى 3٪؜، فالبيوت في شمال أوروبا تحديداً صممت لمواجهة البرد القارس وليس الحر.

كما أن ارتفاع فاتورة الكهرباء يعد سبباً آخر لابتعاد الناس عن تركيب المكيفات. وتحتاج البيوت القديمة في بريطانيا، والتي بنيت في القرن التاسع عشر – وهي تمثل ما لا يقل عن 17٪؜ من عدد البيوت – إلى حلول هندسية معقدة لإضافة المكيف فيها.

وحسب دراسات متعددة اتضح أن جودة النوم تنخفض إذا وصلت درجة حرارة الغرفة إلى 23 درجة مئوية وإنتاجية الموظف، بالإضافة إلى مستوى التحصيل الدراسي للطالب يتدهوران بعد أن تتجاوز درجة حرارة المكان 35 درجة مئوية، فالحر يؤذي الإنسان، ويقضي على قدراته القيام بكثير من الأنشطة.

وفي بريطانيا وأوروبا بات وصول درجات الحرارة إلى ما فوق 35 درجة مئوية أمراً مكرراً طوال فصل الصيف؛ مما يعرضهما لخطر توقف الأعمال وتراجع الأداء في حال استمر عدم توفر المكيفات.

ونصيحة لمن يخططون للسفر إلى أوروبا أو لندن خلال الأسابيع القادمة أن يحرصوا على عدم الخروج في فترة النهار كثيراً واللجوء إلى الظل خلال التجول في المناطق السياحية والأسواق وكذلك الإكثار من شرب الماء، فلم تعد هاتان المنطقتان تقدمان الأجواء اللطيفة المعتادة، بل أصبحت أجواؤهما أشبه بأجواء الخليج وشمسه «الدافئة»!

تحليق منفرد

عندما سئل رئيس الوزراء السنغافوري «لي كوان يو» عن سر التطور المذهل لسنغافورة خلال النصف الثاني من القرن العشرين حدد سببين؛ الأول انتشار التسامح بين شعب متعدد الأعراق والثاني وجود المكيفات..!


مصدر الخبر

شاهد أيضاً

خطوة ملكية.. ابتسامة وطنية.. حياة إنسانية

حين يصبح الضوء والماء مدخلاً للتنمية.. ماذا ينتظر المواطن؟

أحالت الحكومة إلى مجلس النواب مشروع قانون جديداً لتنظيم قطاع الكهرباء والماء في مملكة البحرين، …