رؤية تترجم الثوابت وتستشرف المستقبل

كعادته في خطاباته السامية، يبرز فكر جلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه ليعكس ملامح رؤية استراتيجية للدولة، تنطلق من ثوابت وطنية راسخة وتتجه بثقة نحو المستقبل.

ما لفت انتباهي في خطاب أمس هو التوازن الذكي بين تأكيد الثوابت الدستورية والسياسية وبين الانفتاح على التطورات المستقبلية، في رسالة تؤكد أن الإصلاح عملية مستمرة تعزّزها الإرادة السياسية والاستقرار المؤسسي.

الكلمة الملكية دخلت في عمق التحديات والأولويات، حيث ركّزت على الإنسان البحريني كمحور رئيس للتنمية. وهنا تمكين المواطن وتكريس قيم المواطنة الضمانة الأولى لتعزيز الاستقرار الاجتماعي وبناء اقتصاد متنوع وقائم على الكفاءات.

ومن الجوانب المهمة، التوجّه لإقرار تعديلات على قانون الصحافة والنشر. وهو ما يؤكد أهمية تطوير الأطر التشريعية بما يواكب التغيّرات المجتمعية، خاصة في ما يتعلق بحرية التعبير ودور الإعلام في الرقابة والشراكة الوطنية. وهذه بالتحديد خطوة مؤثرة في تعزيز ثقة المواطن في مؤسسات الدولة إذا اقترن بتطبيق عادل وشفاف.

أما دعم الحكومة للمبادرات المرتبطة بتشغيل المواطنين، فهو بمثابة التزام من الدولة بعدالة توزيع الفرص الاقتصادية، وهو أمر لازم في ظل الضغوطات الاقتصادية الإقليمية والعالمية، ويعكس إدراكاً حقيقياً لضرورة إشراك جميع فئات المجتمع في عجلة التنمية.

على المستوى القيمي، جاءت الإشارة إلى رفض التعصّب والتبعية الخارجية كرسالة سياسية عميقة، تتجاوز السياق المحلي، لتؤكد أهمية الوحدة الوطنية في مواجهة الاستقطابات الخارجية. وهنا للتأكيد إذ البحرين بفكر جلالة الملك حريصة على صيانة نسيجها المجتمعي، في وقت أصبحت فيه الهويات الفرعية أداة تهديد للاستقرار في كثير من الدول.

الشقّ المتعلق بالتحولات العالمية جاء لافتاً أيضاً، لاسيما في إشارته إلى الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجدّدة. وهو ما يعزّز توجّهات الدولة نحو اقتصاد المعرفة، خاصة إذا تمّ تفعيلها عبر سياسات تعليمية وبحثية واضحة.وفي حديث جلالته عن السياسة الخارجية، فقد كان الموقف البحريني تجاه القضية الفلسطينية استمراراً لموقف ثابت، يعكس توازناً بين المبدأ والمصلحة، وهو ما يعزّز مصداقية البحرين كطرف إقليمي يدعو إلى السلام ويُبقي على التزامه تجاه القضايا العربية الجوهرية.

الخطاب الملكي السامي جاء شاملاً ومترابطاً، ونجح في طرح رؤية وطنية جامعة تجمع بين الأصالة والتجديد. كما أن تأكيد جلالة الملك على دور المواطن كمحور للتنمية يرسل رسالة واضحة بأن مستقبل البحرين لن يُبنى إلا بتكاتف أبنائها، وهو ما يحوّل هذا الخطاب لوثيقة راسخة يمكن الاستناد عليها في بناء توجّهات البحرين الغالية للمرحلة المقبلة.


مصدر الخبر

شاهد أيضاً

المدرسة.. مرآة المجتمع!

يقولون.. انتهت الحرب! | صحيفة الوطن

الأسبوع الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتهاء الحرب في غزة. إعلانٌ لم يكن عادياً، …