«حوار المنامة 2025».. عندما تتحدث الجغرافيا بلغة الدولة

منصة تعيد صياغة التوازن الإقليمي وتؤكد أن البحرين في قلب القرار العالمي: في عالمٍ يموج بالتحديات ويزداد اضطراباً في خرائط القوة، يطل حوار المنامة 2025 ليؤكد أن البحرين ليست مجرد محطة جغرافية، بل عاصمة سياسية للوعي الإقليمي.

هنا، حيث تجتمع التناقضات وتلتقي الرؤى، تُدار النقاشات بعقل الدولة لا بعاطفة الخطاب، في مشهد يذكّر بأن الدبلوماسية الحقيقية لا تُمارس في الصالونات، بل في المنصات التي تبني الثقة بين المختلفين.

منذ انطلاقه، تحول الحوار إلى مختبر للسياسة الحديثة، حيث تُختبر مفاهيم الأمن والاقتصاد والاستقرار في زمنٍ أصبحت فيه المصالح أكثر تعقيداً من التحالفات.

ولعل ما يميز نسخة هذا العام أنها تجمع بين البعد الأمني والبعد الاقتصادي، إذ تناقش قضايا الطاقة، الأمن الإقليمي، التكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، كعناصر متشابكة في منظومة واحدة لا يمكن فصلها عن مفهوم الأمن الوطني والعالمي.

البحرين، من خلال استضافتها لهذا الحدث العالمي، لا تكتفي بدور المنصة، بل تمارس فن التوازن الاستراتيجي؛ فهي تدير الحوار بين القوى الكبرى من موقع الواثق، وتمنح الجميع مساحة للتفاهم دون أن تفقد بوصلتها الوطنية.

هنا تتحدث الدبلوماسية بلغة الوعي، لا بلغة المساومة، لأن الأمن — كما تؤكد البحرين — لا يُدار بالشعارات، بل بالعقل والمنهج والشراكة.

في جلسات الحوار، تتجلى أسئلة المرحلة:

كيف يمكن لدول المنطقة أن تحافظ على مصالحها دون أن تكون رهينة الاصطفافات؟

كيف يمكن للأمن أن يتصالح مع التنمية، وللاستقرار أن يُبنى على الثقة لا الخوف؟

أسئلة تحمل في طياتها ملامح العقد السياسي الجديد الذي تحاول البحرين المساهمة في صياغته بعقلية متوازنة تجمع الواقعية بالمبدأ.

وفي قلب هذه النقاشات، تظهر أهمية الحوار كأداة لتفكيك الأزمات لا تأجيجها، ولتحويل الجغرافيا من مسرح صراع إلى منصة تفاهم.

فالقوة اليوم ليست في من يملك السلاح، بل في من يملك القدرة على جمع الخصوم إلى طاولة واحدة.

حجر الزاوية

إن حجر الزاوية في حوار المنامة 2025 هو الإيمان بأن العالم لا يحتاج إلى مزيد من الصراعات، بل إلى لغة جديدة للسلام؛ لغة لا تفرض الهيمنة بل تبني الثقة، ولا ترفع الشعارات بل تصنع الحلول.

البحرين بهذا الحوار لا تدير مؤتمراً، بل تؤسس لمدرسةٍ في الدبلوماسية الواقعية، تؤكد أن الدولة التي تحسن إدارة الحوار هي الدولة التي تعرف كيف تحمي أمنها، وتصون استقرارها، وتكسب احترام العالم.


مصدر الخبر

شاهد أيضاً

وزيرة السياحة بالجمهورية اللبنانية تستقبل سفير البحرين في بيروت المقيم في دمشق

وزيرة السياحة بالجمهورية اللبنانية تستقبل سفير البحرين في بيروت المقيم في دمشق

استقبلت لورا لحود، وزيرة السياحة في الجمهورية اللبنانية الشقيقة، وحيد مبارك سيّار سفير مملكة البحرين …