– تندرج تحت مصطلح بدل فاقد معانٍ كثيرة، لكلٍّ منها دلالته الواضحة المرتبطة بفقدان شيءٍ ماديٍّ أو رسميٍّ يمكن تعويضه بوثيقة جديدة. لكن في هذا المقال، سنتناول هذا المصطلح من زاوية مختلفة تماماً؛ زاوية تتعلق بالإنسان ذاته، بشخصيته وفرادته وكرزمته، كفردٍ له كيان خاص لا يُستنسخ ولا يُستبدل.
– من منّا يرضى أن يكون احتياطياً في الحياة؟ من يقبل أن يقف خلف الميادين لا في وسطها؟ كلنا نسعى إلى بلوغ أهدافنا وتحقيق طموحاتنا وتجسيدها واقعاً ملموساً، كلنا نرغب أن نكون أصحاب إنجازات، مكرّمين في المحافل الوطنية والاجتماعية، وأن نُعرَف بتميزنا في أعمالنا، أو هواياتنا، أو حتى بأفكارنا. فالرغبة في النجاح والتقدير جزء أصيل من طبيعة الإنسان.
– روح التنافس حاضرة في كل زمان ومكان، في شتى مجالات الحياة. غير أن التنافس الحقيقي هو ذاك الذي يقوم على الجهد والاجتهاد، لا على الغش أو الاتكال على الآخرين. فمن يعتمد على نفسه، سيحجز مقعده في الصفوف الأمامية دائماً، لأن الاعتماد على الذات هو ما يصنع القيمة، ويمنح الإنسان مكانة لا تُعوَّض.
– مصطلح بدل فاقد في الأصل يُستخدم لإصدار وثائق رسمية مفقودة، كالبطاقة أو رخصة القيادة. أما في هذا المقال، فـ«الفاقد» هو الإنسان الذي فقد ذاته، واستبدلها باتكال أو تقليد أو انتظار لدورٍ لا يأتي. لا نريد أن نكون بدائل لأحد، ولا ظلالاً لأشخاص آخرين. فطاقاتنا وأفكارنا هي ما تبني الأمجاد وتنهض بالأوطان. أما من يعيش على الهامش، منتظراً فرصة البديل، فسيظل فاقداً في جوهره وإن امتلك كل شيء.
– نحن اليوم نعيش وسط مجتمعات متشابهة في الطموح، متسارعة في التطور، مبدعة يوماً بعد يوم، تحارب من أجل النجاح. وفي خضم هذا الزخم، تظهر الفئة التي ترفض أن تكون بدل فاقد، لأنها تؤمن بأنها الأساس، لا النسخة. لا تعرف الهزيمة، ويكفيها شرف المحاولة.
– علينا جميعاً أن نحافظ على مواقعنا، ونصون تفرّدنا، وألا نسمح لأنفسنا أن نكون بدائل لأحد. فمكاننا الحقيقي لا يُستبدل، ودورنا لا يُعوَّض، ما دمنا نؤمن بأننا الأصل، ولسنا «بدل فاقد».
مصدر الخبر
أخبار مصر اليوم اخبار مصرية حصرية