النائب الأول لرئيس «الشورى» في حوار لـ«الوطن»: تحقيق فوائض مالية في الميزانية أول الطرق لحل مشكلة الدّيْن العام

وليد صبري

قال النائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو إن “أول طرق الحل لحل مشكلة الدّيْن العام هو تحقيق فوائض مالية في الميزانية”، موضحاً أن “فوائد الدّيْن العام تبلغ نحو مليار دينار سنوياً وتُمثّل أكثر من 20% من مصروفات الميزانية، وهو ما يشكّل عبئاً كبيراً على الدولة ويؤخر سداد الدّيْن العام”.

وفي حوار مع “الوطن”، شدّد فخرو على أن “التعاون في خفض المصروفات التي يمكن تأجيلها أو الاستغناء عنها أصبح ضرورة”، مشيراً إلى “وجوب توفير إيرادات إضافية عبر تشريعات وتنظيمات ومتابعة كفاءة الإنتاج”.

وأوضح أن “أعمال مجلس الشورى تتركّز حول مجال التشريع، بينما توجيه الأسئلة محدود جداً”، مشيراً إلى أن “الخبرة في المجلس تراكمية نتيجة وجود أعضاء لسنوات طويلة، الأمر الذي منح المجلس ميزة نوعية في مراجعة القوانين وصياغتها”.

وأضاف أن “مجلسي “الشورى” و”النواب” مكمّلان لبعضهما”، مؤكداً “أننا لسنا صمام أمان للنواب، بل شركاء في التشريع”، قبل أن يوضح أن “أسئلة “الشورى” للوزراء استعلامية عن معلومات، بينما في النواب تحمل طابع المُساءلة والمحاسبة”.

وكشف فخرو في معرض حديثه، أن “قانون الصحافة يتصدّر أولويات الشورى في بداية دور الانعقاد الجديد”، لافتاً إلى أن “تأخر القوانين أحياناً لدى مجلس النواب يحرم “الشورى” من الوقت الكافي لدراستها ومراجعتها”.

وأشار إلى أن “”البحرنة” قضية مجتمعية شاملة، والحل فيها لا يمكن أن يكون من طرف واحد، بل من جميع الأطراف: الحكومة، والقطاع الخاص، والسلطة التشريعية”.

وحول ملف الإسكان، قال فخرو إنه “يرتبط بتوفير الأموال، وفي ظل عجز الموازنة تواجه الحكومة صعوبات في تلبية الطلبات الإسكانية”، مبيناً أن “بعض الحلول المطروحة تتعلّق بالاستفادة من القطاع الخاص في التمويل والبناء، غير أن حلّ الملف ليس بضغطة زر، بل يحتاج إلى خطة واضحة وأموال كافية”.

وأكد النائب الأول لرئيس مجلس الشورى أن “التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية كامل ويتمّ على أكمل وجه”، وقال إن “من يقول عكس ذلك لا يفهم في العمل البرلماني”، موضحاً أن هناك توافقاً دائماً بين المجلسين حول الميزانية، قبل أن يشدّد على أنه “لا يمكن زيادة حجم الميزانية من خلال عجوزات أكبر”.

وحول تمثيل الجمعيات السياسية في “النواب”، اعتبر فخرو أن “أداء العضو المستقل عادة يكون أضعف من أداء عضو الجمعية السياسية أو الحزب”، موضحاً أن “تمثيل الجمعيات السياسية في مجلس النواب لا يتجاوز عضوين إلى 3 أعضاء فقط”. وإلى نص الحوار:

مع بدء أعمال دور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي السادس، كيف تقيّمون أداء المجلس خلال دور الانعقاد الماضي بوجه خاص؟ وخلال الأدوار السابقة من هذا الفصل بوجه عام؟

– في رأيي الشخصي، وبشكل عام، التجربة البرلمانية في البحرين تسير بخط هادئ وفي اتجاه صحيح ومتقدّم، وسواء أكان مجلس الشورى أو مجلس النواب، الأعضاء في كلا المجلسين يشعرون بالمسؤولية التي تقع عليهم، ويتحملونها ويقدرونها، ويقومون بواجبهم، ويؤدون أدوارهم بحسب الإمكانيات والقدرات السياسية والمهنية، وضمن أجندة مملكة البحرين بشكل عام، وأنا أعتقد أن الأعضاء في مجلس الشورى بحكم الاقتصار على التشريع، وبالتالي، أعمالنا محصورة ومحدودة في مجال التشريع، ومسألة توجيه الأسئلة محدودة جداً، أعتقد أن مجلس الشورى يبذل مجهوداً جيداً في مراجعة ما يأتيه من إما مقترحات قوانين من مجلس النواب، أو مقترحات قوانين من المجلس نفسه، أو مشروعات قوانين من الحكومة. الخبرة الموجودة في مجلس الشورى خبرة تراكمية، نتيجة وجود أعضاء لسنوات طويلة بالمجلس، وهذا أعطى المجلس نسبياً، ربما دوراً ريادياً في التشريع، عن الأعضاء في مجلس النواب، بحكم الخبرة التراكمية لدى أعضاء مجلس الشورى، والجانب الآخر، نحن في مجلس الشورى لدينا مجموعة من المتخصّصين سواء في الجانب التشريعي أو الاقتصادي أو المالي أو الهندسي أو البيئي، وهذه فكرة وجود مجلسين، حيث لدينا متخصّصون يبذلون جهداً مهنياً من خلال خبراتهم في حُسن صياغة القوانين والتأكد من ملاءمتها للعمل.

هل نعتبر مجلس الشورى صمام الأمان فيما يتعلق بالعمل التشريعي في البحرين؟

– أنا أقول إن الأعضاء في مجلسي الشورى والنواب يكمّلون بعضهم بعضاً، ولا أقول “صمام أمان”، لأن صمام الأمان معناه أنك تخشى من عمل الذي قبلك، بل على العكس، أنا لا أخشى من عمل النواب، بل على العكس، أنا أعتقد أن عمل الأعضاء في مجلس النواب في مجال التشريع عمل فيه جهد طيب واهتمام متميّز من قِبل هيئة التشريع أو من قِبل الإخوة الأعضاء، وبالتالي كفاءة ما يتمّ من عمل لا تحتاج إلى صمام أمان، ولكن تحتاج إلى نوع من القراءة المتأنية والتوازن، وأحياناً، العضو المنتخب يكون تركيزه ربما على الفرد، ونحن في مجلس الشورى ننظر بنظرة أوسع على المجتمع ككل، وبالتالي النظرة تكون أشمل، ويمكن أن تكون نظرة بعض الأعضاء في مجلس النواب نظرتهم محددة لمصلحة فرد أو لمجموعة من الأفراد، في حين الأعضاء في مجلس الشورى ينظرون إلى الوطن ككل، بأفراده، ومجتمعه، واقتصاده، ومكوناته، إلى آخره.

ما هي أهم الأعمال والتشريعات والمقترحات التي أنجزها مجلس الشورى في دور الانعقاد الثالث؟ وكم عدد الأسئلة التي قدّمها السادة الأعضاء إلى السادة الوزراء؟

– التقرير السنوي الذي يُعدّه المجلس يذكر كلّ التشريعات والاقتراحات التي قُدّمت، وكذلك كل التشريعات والاقتراحات التي تمّت الموافقة عليها، ومن ثَمّ يُمكن الاطلاع على المعلومات على الموقع الإلكتروني للمجلس حتى يُمكن الاطلاع على التشريعات التي تمّ إقرارها. والأسئلة في مجلس الشورى تجدها أقل من أسئلة الأعضاء في مجلس النواب، والأسئلة في مجلس الشورى مقيّدة نسبياً لأن السؤال لا يُناقش في الجلسة العامة، وإنما يُكتب السؤال من العضو، وتتمّ الإجابة عليه من قِبل الوزير المسؤول، لأنه لا يحق للعضو الشوري أن يعلق على إجابة الوزير، أو يدخل مع الوزير في حوار أو نقاش، في حين أن المسألة لدى أعضاء مجلس النواب مختلفة، حيث يوجّه السؤال كتابة، ثم تأتيه الإجابة من الوزير المختصّ، ويُخصّص وقت للأسئلة والأجوبة في الجلسة حيث يعلق عليها النائب والوزير، وبالتالي طبيعة الأسئلة في مجلس الشورى هي للاستعلام عن معلومات معيّنة، بينما في مجلس النواب ربما يكون هناك نوع من المُساءلة أو المحاسبة من خلال النقاش.

من وجهة نظركم ما أبرز التشريعات التي أقرّها مجلس الشورى في دور الانعقاد الثالث؟

– أعتقد أن كل مشروع، أو كل اقتراح بقانون، أو كل مشروع بقانون، يحظى بنفس الأهمية، وليس لدينا قانون معيّن هو الأهم، والآخر أقل أهمية، لو كان أقل أهمية لما نُظر له، وكل ما يُقدّم من اقتراحات بقوانين أو مشروعات بقوانين تحظى بنفس القدر من الدراسة والمراجعة، وكلّها مهمّة.

ما أبرز الملفات والتشريعات المطروحة خلال دور الانعقاد الرابع؟

– أعتقد أن أهم قانون سوف يبدأ به المجلس هو قانون الصحافة، لأنه مؤجّل من العام الماضي، ووصل إلى مجلس الشورى في اليوم الأخير من دور الانعقاد السابق، وهناك اهتمام بالقانون من المجلس ومن الحكومة، وهذا القانون الذي قضى سنوات طويلة في أروقة السلطة التشريعية والحكومة للتعديل والمناقشة يحتاج أن يُعطى اهتماماً وأن يحظى باهتمام للنهوض بالعمل الصحفي والعمل الإعلامي في البحرين.

ما أبرز التحديات التي واجهت المجلس خلال دور الانعقاد الماضي أو الأدوار السابقة من هذا الفصل، ويسعى إلى التغلُّب عليها خلال دور الانعقاد المقبل؟

– لا توجد تحديات تُعيق عمل مجلس الشورى، ونحن عملنا يتعلّق بالجانب التشريعي، والأعضاء والمستشارون مهتمّون، ومعالي الرئيس أيضاً مهتمّ، والتعاون مع الحكومة على أكمل وجه، فلا توجد معوّقات أمام العمل التشريعي بشأن مجلس الشورى، ربما أحياناً تتأخر القوانين لدى الأعضاء في مجلس النواب، وبالتالي لا تُحال إلينا القوانين فيما فيه الكفاية لاستغلال وقت المجلس، وأحياناً يكون على جدول الأعمال مشروع واحد أو اقتراح واحد، في حين أن الوقت في مجلس الشورى يسمح بعدد كبير من مشروعات القوانين، وبالتالي لدينا رجاء للأعضاء في مجلس النواب، وهو إعطاء أهمية لمشروعات القوانين من خلال دراستها وإحالتها لمجلس الشورى للدراسة والمراجعة، وليس على وجه السرعة، ولكن لابد من أن تُعطى أهمية متساوية مع الموضوعات الأخرى، وأعضاء مجلس النواب بحكم عملهم فيما يتعلق بالاقتراحات برغبة والأسئلة والمناقشات العامة، تأخذ وقتاً طويلاً منهم، وحتى أيضاً يُستفاد من وقت مجلس الشورى بشكل أفضل كلما أُحيلت القوانين إلى المجلس بشكل أسرع، يكون لدينا وقت أكبر للمراجعة، وكلما تمعّنا أكثر في المراجعة، كلما استفدنا من وقت أعضاء المجلس في تقديم خدمات التشريع.

ماذا عن جهود ودور مجلس الشورى فيما يتعلّق ببحرنة الوظائف؟

– موضوع بحرنة الوظائف، أو منح البحريني الفرصة الأولى في العمل، وتوظيف البحريني، فإنه لا يوجد بحريني غيور سواء في مجلس الشورى أو مجلس النواب أو أي مواطن عادي لا يعطي الأهمية لهذا الأمر، نحن جميعاً كبحرينيين يؤلمنا أن نجد أبناءنا المتخرجين الدارسين بدون وظائف، سواء أكان ذلك من خلال تعديل التشريعات أو من خلال توجيه الأسئلة أو من خلال مساءلات الأعضاء في مجلس النواب، إلى آخره. هذا الموضوع لابد أن يحظى بأهمية قصوى ليس من جانب السلطة التشريعية فقط، وإنما أيضاً من جانب الحكومة، فلا يمكن أن توظف شخصاً إذا لم توفر وظائف، ولا يمكن أن توظف شخصاً إذا لم يقم القطاع الخاص بدوره الوطني وأعطى الأولوية للبحريني على الأجنبي، وبالتالي القضية قضية مجتمعية ككل، وليست مقتصرة على قطاعي الصحة والتعليم، ولكن كل القطاعات، ما هي الحلول لهم؟ الحكومة وحدها لن تستطيع أن تجد حلاً لتلك المشكلة، والسلطة التشريعية أيضاً كذلك، وبالتالي القضية مجتمعية، والحل مجتمعي، ومن يقوم بالتوظيف يساعدنا في إيجاد الحلول، والحكومة من خلال الطلبات التي لديها وتحويلها إلى أصحاب الأعمال سوف تساعد في الحل، لكن لن يكون هناك حلٌّ من طرف واحد، لابد أن يكون الحل من جميع الأطراف، سواء من الجهة الرسمية أو من جهة القطاع الخاص.

كيف تنظرون إلى ملف الإسكان؟ ولماذا هناك جدل نيابي حول التمويلات الإسكانية؟ وما موقف مجلس الشورى في هذا الشأن؟

– توفير الخدمات للمواطن مطلب أساسي، ولكن توفير الخدمات مرهون بظروف معيّنة، أهم طرف في ملف الإسكان هو توفير الأموال، إذا كان هناك تمويل لن تكون هناك مشكلة، ولكنْ، هناك عجز في الميزانية العامة، فكيف يُمكن إنفاق زائد على المشروعات الإسكانية أو الخدمية أو مشروعات البنية التحتية وليس هناك توفّر لهذه الأموال؟ والآن بعض الحلول المطروحة من قِبل وزارة الإسكان والتخطيط العمراني تتعلق بالاستفادة من القطاع الخاص في التمويل والبناء، قد تضع حلولاً نسبية، لكن هناك قوائم انتظار طويلة تمتد لنحو 15 أو 20 عاماً، في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية في البحرين. لن نكون واقعيين لو توقّعنا أنه يمكن حل ملف الإسكان بضغطة زر، المشكلة تحتاج إلى خطة وأموال، ومن أين سوف أحصل على التمويل اللازم؟ الكلام سهل، السلطة التشريعية ممثلة في مجلسي الشورى والنواب ترى الميزانية، ومن ثَمّ يتمّ تخصيص مبالغ معيّنة لقطاع الإسكان، إذا كنا نريد أن نمنح ملف الإسكان أولوية، بالتالي سوف نستقطع مبالغ من ملفات أخرى، وبالتالي سوف تكون المنحة لملف الإسكان ذات تأثير سلبي على ملفات وخدمات أخرى، وإذا كان هناك فائض في الأموال يُمكن في تلك الحالة أن نوجّهها إلى ملف الإسكان ونعطيه الأولوية، لكنْ، هناك عجز، وبالتالي الحدود في تقديم الخدمات الإسكانية من قِبل الدولة مباشرة محدودة، والتعامل مع القطاع الخاص أيضاً مهمّ، لكنْ، بدلاً من أن تبني فأنت تموّل القرض، وبالتالي تحتاج إلى أموال، وفي جميع الأحوال إذا لم تتوفر الأموال أو السيولة لا تستطيع أن تقدّم حلولاً، لكن السؤال: من أين سوف يتمّ تمويل تلك المشاريع والخدمات الإسكانية؟!

ما تمّ طرحه من إجابة في السؤال السابق يقودني إلى التساؤل حول مدى التعاون القائم بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية بوجه عام؟ وكذلك فيما يتعلّق بشأن الدّيْن العام؟

– هناك تعاون كامل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، ويتمّ على أكمل وجه، ومن يقول بأن هناك عدم تعاون لا يفهم في العمل البرلماني، وما تطلبه من الحكومة يقدّم للعضو الشوري من معلومات وبيانات، ومن عدم تعطيل اقتراحات بقوانين، ومن استعجال إرسال المشروعات، والإجابة على الأسئلة، ومن يقول إنه لا يوجد تعاون من قِبل الحكومة، لم يتعامل مع الحكومة، ولم يكن عضواً في السلطة التشريعية. أنا عضو في السلطة التشريعية على مدار 30 عاماً، لم أسمع يوماً لا من أعضاء مجلس الشورى، ولم أشعر أن الحكومة غير متعاونة، بل على العكس، هناك تعاون تامّ بين السلطتين، لأن مصلحة البحرين أن تتعاون السلطتان.

وماذا عن مناقشات ومداولات الميزانية؟ وهل هناك توافقٌ بين المجلسين فيما يتعلّق بها؟

– الميزانية بالذات لها نقاش خاص، ولا تناقش في الجلسة العامة بتفاصيلها، ولكن تناقش بتفاصيلها في اللجنة المشتركة بين الشورى والنواب والحكومة، واللجنة الوحيدة في السلطة التشريعية المشتركة بين المجلسين هي اللجنة المالية، لهدف مناقشة الميزانية، وصياغة القانون أن تجتمع اللجنتان في اجتماع مشترك، وليس كل لجنة منفردة، لأنه إذا كنت عضواً في مجلس النواب واقترحت تعديلات معيّنة، ثم حوّلت الميزانية إلى مجلس الشورى وتمّ اقتراح تعديلات أخرى، ثم عادت مرة أخرى، لن تكون هناك فائدة، وبالتالي هناك توافقٌ دائم بين المجلسين حول الميزانية، وفي معظم التعديلات هناك توافقٌ في اللجنة فيما يتعلق بالميزانية.

هل يُمثّل مجلس الشورى “بيضة القبان” أو الوسيط بين الحكومة ومجلس النواب فيما يتعلق بالتواصل لاتفاقات وتفاهمات حول الميزانية؟

– لا، أعضاء مجلسي الشورى والنواب أكفاء، ويعلمون بإمكانيات الدولة، وأن هذه الميزانية لم تُكتب إلا ضمن حدود معيّنة، فعندما تذهب وتتمادى في الطلبات وأنت ليس لديك أموال، فكيف يتمّ إقرارها؟

سؤالي السابق يتعلّق بالضغوط التي يتعرّض لها أعضاء مجلس النواب من الناخبين والمواطنين وهو ما لا يحدث مع أعضاء مجلس الشورى؟

– أنا لا أقلل من شعور أعضاء مجلس النواب، لكن العضو المنتخب أمامه الشارع والناخبون، ويسعى دائماً إلى تلبية طلباتهم واحتياجاتهم، لأنه عندما أقدم على ترشيح نفسه وضع على عاتقه مسؤوليات ووعوداً معيّنة انتخابية للناخبين، وهذا يحدث في كل مكان في العالم، وليس في البحرين فقط، ولكن عندما نأتي إلى الأمر الواقع، فأنت تصطدم بالواقع فيما يتعلّق بالميزانية، فلا يوجد لديك فائض من الأموال، بل هناك عجوزات خاصة بالميزانية، فلا يمكن زيادة حجم الميزانية من خلال عجوزات أكبر، وهناك يأتي السؤال الذي يفرض نفسه: ما هو الدور الذي يقوم به أعضاء مجلسي الشورى والنواب في تخفيض المصروفات وزيادة الإيرادات؟ هذا هو في الحقيقة الأمر الذي يجب أن يكون هناك فيه تركيز أكبر، ولابد أن يكون فيه عمل مشترك أكبر بين الحكومة والسلطة التشريعية، يجتمعون، ويحللون الأرقام بشكل مفصّل، ويبحثون إمكانية التوفير في المصروفات والتحسين في الموارد، وتحسين الموارد قد يتمّ من خلال تحسين الكفاءة الإنتاجية، وتحسين كفاءة العمل، ومن خلال مبدأ الثواب والعقاب، أو من خلال تشريعات معيّنة مطلوبة من السلطة التشريعية أن تقرّها وتلقي الضوء عليها. مهمّ في الحقيقة التعاون في خفض المصروفات التي يمكن تأجيلها أو الاستغناء عنها مؤقتاً أو بصفة دائمة، وتوفير إيرادات إضافية من خلال تشريعات وتنظيمات ومتابعة كفاءة الإنتاج وغيرها.

ما تفضّلتم بذكره، هل يُعدّ خارطة طريق أو استراتيجية للتغلّب على مشكلة الدّيْن العام؟

– مشكلة الدّيْن العام أكبر، ولا يُمكن أن تبدأ في حل مشكلة الدّيْن العام ما لم تبدأ في تحقيق فوائض مالية في الميزانية، وبالتالي أول الطرق لحل مشكلة الدّيْن العام هو تحقيق فوائض مالية في الميزانية. الدولة لديها إيرادات، وعليها مصروفات، حالياً مصروفات الدولة أعلى من إيراداتها، وبالتالي لديها عجز، فعندما تتحول إيرادات الدولة لتصبح أعلى من مصروفاتها يكون هناك فائض، ويتمّ استغلال هذا الفائض في تسديد الدّيْن العام، لأن الدين العام يكلّف الدولة، بالإضافة إلى الأقساط، نحن ندفع نحو مليار دينار فوائد على الدّيْن العام، وهذا مبلغ هائل، وأكثر من 20% من حجم المصروفات في الميزانية السنوية فوائد دَيْن عام، والسؤال هو: كيف سنُسدّد هذا الدّيْن العام؟ وربما الحكومة لديها ردّ على هذا السؤال، وربما هناك خطة أو برنامج، لكن حتى الآن، شخصياً، لم أطّلع على برنامج محدّد حول كيفية سداد هذا الدّيْن العام، ومن أين سوف نأتي بالأموال حتى نسدّد الدّيْن العام؟

هل هناك مبادرة من مجلس الشورى في هذا الشأن؟

– المبادرة تأتي من الحكومة لأن الدّيْن عليها، فالحكومة تُدير أموال الدولة وتعرف مصادر الدخل والمصروفات، وهي التي تعلم إذا كان لديها دخل إضافي أم لا، وهي من تعلم بأسعار النفط، لأن إعداد الميزانية من اختصاص وزارة المالية والاقتصاد الوطني والحكومة، لأن الحكومة هي التي على علم بكافة التفاصيل، ونحن كأعضاء في مجلس الشورى ليس لدينا كل تلك المعلومات، وبالتالي تقدّم الحكومة المقترحات والتصورات بشأن سداد الدّيْن العام، وتُعرض على السلطة التشريعية كي يتمّ التوافق عليها.

في حال مناقشة الميزانية.. هل يتمّ التطرّق إلى مسألة الدّيْن العام؟

– الذي يتم التعرّض له هو مرسوم الاقتراض، حيث يُقدَّم مع الميزانية المرسوم الخاص برفع سقف الاقتراض، ولا تتمّ مناقشة موضوع سداد الدّيْن العام، الذي نناقشه هو كيف يُرفع سقف الدّيْن العام، لكن عند مناقشة كيفية سداد الدّيْن العام، فهذا الأمر يحتاج إلى دراسة مستفيضة، وتحضير مستفيض، وعمل لجان، وتقرير مستقل، لأن الميزانية بها عجز، فكيف يتمّ تمويل العجز؟ يتمّ بالاقتراض، وسنوياً الدّيْن العام يُحدَّد بسقف معيّن، ولا يُسمح للوزارات باقتراض أكثر من هذا المبلغ، وإذا وصلت الديون لهذا المبلغ تحتاج إلى أن ترفع السقف لكي تغطّي العجز الذي سوف يحدث في السنوات المقبلة، ورفع السقف يحتاج إلى قانون ينظّم العملية، وهذا القانون يكون جزءاً من قانون الميزانية العامة، ولكن لا نناقش كيفية سداد الدّيْن العام، وإنما نناقش رفع سقف الدّيْن العام.

ماذا عن التعاون بين مجلسي الشورى والنواب؟

– التعاون بين المجلسين وثيق، خاصة على مستوى الرئيسين، وبينهما اتصال دائم، وعمل مشترك، ومسؤولية واحدة يتحملانها، وهي التأكد من إتمام أعمال كل مجلس على حدة بشكل صحيح ومنتظم، والسلطة التشريعية بمجلسيها تعمل بشكل صحيح ومنتظم، وفيما يتعلق بالأعضاء، التعاون يأتي من خلال استعجال التشريعات وإرسالها إلى مجلس الشورى لمناقشتها وإعادتها إليهم إذا كان هناك تعديلات عليها، لأن هذا يمثل التناغم بين المجلسين، ولابد أن يستمر بشكل إيجابي، وهناك عمل مشترك كبير بين المجلسين فيما يتعلق بالشعبة البرلمانية والدبلوماسية البرلمانية وسفر الوفود وتمثيل مملكة البحرين.

هل وجود أعضاء في مجلس النواب ينتمون إلى جمعيات سياسية يدعم مسألة التعاون بين المجلسين؟

– العمل السياسي له أصوله، والعمل السياسي قائم على أساس الأحزاب السياسية، في كل مكان في العالم، هناك أحزاب سياسية، بعضها كبير والآخر صغير، والكبير هو من يتولى الحكم، والأصغر يتولى المعارضة، والحزب السياسي رافد أساسي لمساعدة العضو، فلو افترضنا أن هناك عضو لجنة خدمات وأمامه قانون يتعلق بالخدمات العامة، في هذه الحالة العضو ليس لديه كل المعلومات المتاحة التي يمكن أن يقدّمها، وبالتالي يلجأ العضو إلى حزبه من أجل إعداد المداخلات والاقتراحات والتعديلات وغير ذلك، أما العضو المستقل فهو يعتمد على ذاته، ومن ثَمّ أداء العضو المستقل عادة يكون أضعف من أداء عضو الجمعية السياسية أو الحزب.

إذا طبّقنا ما سبق ذكره على البحرين.. هل وصلت الجمعيات السياسية إلى مرحلة النضوج من أجل وجود ممثلين لها في مجلس النواب؟ وهل يجب عليها الانخراط أكثر فأكثر في العمل السياسي؟

– أعتقد أن لدينا أعضاء يمثلون جمعية أو جمعيتين في مجلس النواب، وأعتقد أن نحو 36 عضواً في مجلس النواب من المستقلين، نحن لدينا قانون ينظّم الجمعيات السياسية، والدولة لم تمنع إنشاء أو تأسيس جمعيات سياسية، ولكن سمحت بتأسيس وإنشاء جمعيات سياسية وطنية تهدف إلى خدمة الوطن، ولكن مع الأسف في البحرين ليس لدينا سوى جمعيتين أو ثلاث جمعيات سياسية يوجد لديها حراك سياسي واستطاعت أن تُوصل بأعضائها إلى مجلس النواب من خلال عضوين أو ثلاثة أعضاء، وبالتالي يبقى مجلس النواب قائماً على أساس الأفراد المستقلين، وهو الحلقة الأضعف، ولو كان خلف الأعضاء جمعيات سياسية تساعدهم لكان الأداء أفضل من حيث المعلومات، والقدرة، وتعديل القوانين، والاقتراحات بقوانين، وغير ذلك.

أداء الدبلوماسية البرلمانية البحرينية يشهد تطوراً ملحوظاً أدّى إلى رئاسة وعضوية منظمات برلمانية خليجية وعربية وإقليمية ودولية.. ما رأيكم في ذلك؟

– أنا أحضر اجتماعات الاتحاد البرلماني الدولي الذي يُعَدّ أكبر تجمّع برلماني على مستوى العالم، وهناك أكثر من 190 دولة عضو فيه، وفيه معظم برلمانات العالم، وهناك جمعيات ومنظمات موجودة كأعضاء منتسبين وليس كأعضاء عاملين في البرلمان الدولي، وهذه شهادة، إن كل الأعضاء الذين يمثلون مملكة البحرين يعملون بمنتهى الاجتهاد والنشاط، واجتماعات الاتحاد البرلماني الدولي تبدأ من الساعة 9:00 صباحاً حتى الساعة 6:00 مساءً، على مدار 5 أيام في الأسبوع، كل الأعضاء موجودون في لجانهم، أو في القاعة الرئيسة، أو في اللجان المتعددة، بأوراقهم ومداخلاتهم، ويؤدون أدوارهم على أكمل وجه. وعلى هامش الاجتماعات، وعادة ما يكون رئيس مجلس النواب موجوداً، تُعقد لقاءات ثنائية كبيرة على مستوى الرؤساء أو رؤساء الوفود، والعام الماضي في طشقند، عقد الرئيس نحو 15 اجتماعاً مع رؤساء البرلمانات ورؤساء الوفود، وبالتالي حضور تلك الاجتماعات والمناقشات وطرح وجهة نظر البحرين يُعطي انطباعاً لدى الأعضاء في البرلمانات الأخرى عن مدى نضج الحراك السياسي في البحرين، ومدى نضج وقدرات البحرينيين في الطرح في البرلمانات، ومدى رغبة البحرين في إقامة علاقات مع هذه البرلمانات، وتأسيس لجان الصداقة معهم. كل ذلك يتمّ تداوله داخل أروقة الاتحاد البرلماني الدولي، وبالتالي أرى أن المشاركات متميّزة، والأعضاء لا يألون جهداً في النقاشات وطرح وجهة نظر البحرين، ولدينا أعضاء متميّزون يشاركون في الاجتماعات على مدى السنوات الماضية.


مصدر الخبر

شاهد أيضاً

جامعة الخليج العربي تقود حوارًا حول تعزيز مشاركة الطلبة في التعليم الصحي في مؤتمر ICME–IMEC 2025

جامعة الخليج العربي تقود حوارًا حول تعزيز مشاركة الطلبة في التعليم الصحي في مؤتمر ICME–IMEC 2025

شاركت جامعة الخليج العربي، ممثلةً في كلية الطب والعلوم الطبية، في المؤتمر الدولي للتعليم الطبي …