«الصامتون».. لماذا لا نراهم؟! | صحيفة الوطن

في مؤسساتنا اليوم، نملك كنوزاً بشرية لا نلتفت إليها. هناك أشخاص يعملون بصمت، يؤدون مهامهم دون ضجيج، ولا يظهرون في الصفوف الأولى، لكنهم يحملون في داخلهم طاقة وقدرات قد تغيّر وجه العمل لو فُتحت لهم الأبواب.

المشكلة ليست في غياب المواهب، بل في غياب من يبحث عنها، ويمنحها الفرصة لتظهر.

كثير من المسؤولين مازالوا يحكمون على الموظفين من ظاهر أدائهم اليومي، معتقدين أن القدرات الحقيقية تكشف نفسها تلقائياً، بينما الحقيقة أن جزءاً كبيراً من المواهب كامنة، تحتاج إلى ثقة، أو مشروع مختلف، أو مسؤول جديد يمتلك الشجاعة ليجرّب شيئاً غير مألوف.

اليوم هناك شركات عالمية تعمل في الأمن السيبراني ونُظم المعلومات تبحث عن أصحاب المهارات الاستثنائية بطرق مبتكرة، فتقوم باستقطاب من يجيدون اختراق الأنظمة للعمل لديها، ليس لأنهم يشكّلون خطراً، بل لأن تفكيرهم غير التقليدي يساعد المنظومات على التطور.

بعض الشركات تعرض مكافآت ضخمة لمن ينجح في اختراق نظام جديد قامت بتطويره، حتى تتمكّن من معرفة الثغرات وسدّها قبل أن يستغلها الآخرون. هذا النوع من التفكير يُثبت أن المؤسسات الناجحة لا تنتظر الموهبة، بل تطاردها وتمنحها ما تستحق.

وبالعودة إلى بيئات العمل التقليدية، سنجد أن اكتشاف القدرات لا يتطلب مسابقات؛ إذ أحياناً يحتاج المسؤول فقط إلى أن يضع موظفاً في مهمة لم يجرّبها من قبل، أو يسند إليه مشروعاً خارج نطاق مسؤولياته. هذه الخطوة البسيطة تختبر الاستعداد، وتكشف المرونة، وتُظهر ما إذا كان الموظف قادراً على مواجهة تحديات جديدة.

ولست أبالغ هنا، فكثير من المسؤولين اكتشفوا أفضل عناصرهم بهذه الطريقة، ذاك موظف هادئ، يعمل في الظل، لكن عندما مُنح الفرصة، قدّم مستوى يفوق التوقعات، وأبدع بطريقة لم تكن تخطر ببال أحد.

هذا الموظف الهادئ قصة تتكرر في كل مؤسسة. شخص لا يطلب أن يُرى، لكنه يحتاج إلى من يراه. لا يبحث عن الأضواء، لكنه يحتاج إلى باب يُفتح أمامه. ومن المدهش أن أغلب المسؤولين الذين غيّروا فرقهم جذرياً لم يفعلوا ذلك بجلب خبرات جديدة، بل باكتشاف ما كان موجوداً أمامهم منذ سنوات.

المعادلة بسيطة جداً، إذ عندما نفتح الأبواب، ونفتح قبلها عيوننا، سنجد دائماً شخصاً يستحق الثقة.

الموهبة لا تحتاج أكثر من دفعة صغيرة، كلمة تشجيع، أو فرصة واحدة ليخطو صاحبها خطوة واثقة نحو الإبداع والتحدي والتغيير. واليوم لا شيء ينقذ المؤسسات أكثر من اكتشاف الأشخاص الذين يمتلكون قدرات تفوق ما نظن بكثير.


مصدر الخبر

شاهد أيضاً

«التسهيلات للسيارات» تُطلق «هافال H6» الجديدة.. أداء قوي وتقنيات متقدمة

«التسهيلات للسيارات» تُطلق «هافال H6» الجديدة.. أداء قوي وتقنيات متقدمة

أعلنت شركة التسهيلات للسيارات عن طرح سيارة هافال H6 الجديدة في السوق البحريني، والتي وُصفت …