اطلعت على اقتراح نيابي تقدم به النائب د.هشام العشيري يطلب السماح لوزارة الصحة بإعادة التعاقد مع الأطباء الاستشاريين المتقاعدين -سواء من خلال التقاعد الاختياري أو التقاعد الاعتيادي- للاستفادة من خبراتهم في سد النقص القائم في الكوادر الاستشارية.
ولكي يعرف المواطن فإن راتب الطبيب الاستشاري الأجنبي يمثل عبئاً على كاهل ميزانية وزارة الصحة وبالتالي ميزانية الدولة، ونحن في أمسّ الحاجة للمزيد من الاستشاريين لمواجهة الطلب على العلاج الطبي للمرضى، ولا نفترض هنا قصوراً لدى وزارة الصحة، وإنما هي وزارة تبذل أقصى جهدها في ملف الصحة وبما أتيح لديها من إمكانيات، فالشكر والعرفان لجميع العاملين في القطاع الصحي وعلى رأسهم وزيرة الصحة الدكتورة جليلة السيد والدكتورة مريم الجلاهمة الرئيس التنفيذي للمستشفيات الحكومية.
ولكن تكمن المشكلة فيما أشار إليه الاقتراح برغبة والذي يتوارى بين الأسطر والكلمات، وأنا أقصد هنا «التقاعد الاختياري» الذي أريد به علاجاً لأحد أمراض الوظائف الحكومية، فتبين أنه يحمل فيروساً يصيب قطاعات أخرى بأمراض عضال، وفي مقدمتها القطاع الصحي.
فبعد سنين من تدريب وتأسيس كوادر طبية وطنية استشارية، لكي تحمل راية صحة الوطن، جاء التقاعد الاختياري، ليفتح أمام هؤلاء الأطباء نافذة الخروج من ورطة العمل الحكومي المرهق، والانطلاق نحو فتح عيادات خاصة والعمل في مستشفيات خاصة تمنحهم أكثر مما كانوا يأخذون، ولم يفكر الذين أطلقوا التقاعد الاختياري أن يضعوا استثناءات، ومنعه على وظائف حرجة مثل الطب الذي يعتبر أكبر قطاع يحتاج للصيانة وليس الإهلاك.
وعلى الرغم من أن الاقتراح يعتبر جيداً، إلا أنه لن يكون حلاً جذرياً لمشكلة نقص الكوادر ذات الخبرات العالية أو الاستشاريين، فالذين سيقبلون العودة، سيضعون شروطهم أو سيأتون وفق ظروفهم أو بحسب مواعيد أعمالهم الخاصة، كما أن الاقتراح لم يتطرق إلى إشكالية الاقتطاع الخاص بالتأمين الاجتماعي، وتلك قضية أخرى والتي قد تمنع بعض الأطباء من التفكير في العودة للعمل بنظام التعاقد، لتضارب المصالح بين القوانين.
فلذلك أرى أن الاقتراح برغبة هو حل جزئي وطارئ وغير مستديم للمشكلة، ويبقى الحل في إعادة تعديل التقاعد الاختياري ليستبعد الوظائف ذات الأولوية للدولة، ولكي أسجل هنا مطلباً للتاريخ، فلربما سنجد ذلك بعد سنوات في قطاعات أخرى مثل التعليم الذي كافح وزير التربية والتعليم د.محمد مبارك جمعة لكي يجعله قطاعاً وطنياً خالصاً.
المتعارف عليه أن التشريعات والقوانين، تظهر فيها بعض الثغرات بعد سنوات من التطبيق، ويجري عليها سُنّة التعديل والتطوير، فلذلك نرجو أن تجري هذه السُنّة على التقاعد الاختياري، خاصة وأن الذين اختاروه أيضاً اكتشفوا فيه مشكلات مؤثرة على مستقبلهم، وهي دعوة لبحث كافة الثغرات في التقاعد الاختياري ووضعه تحت منظار التدقيق.* قبطان – رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية
مصدر الخبر