الطفرة العالمية في استثمارات الذكاء الاصطناعي: محرّك النظام الاقتصادي الجديد

شهد الذكاء الاصطناعي تحولاً سريعاً من مجرد ابتكار تقني إلى محرك رئيس للاقتصاد العالمي.

ففي عام 2024 وحده، قفزت الاستثمارات الخاصة العالمية في الذكاء الاصطناعي إلى مستوى غير مسبوق بلغ 252.3 مليار دولار، بزيادة قدرها 44.5% مقارنة بالعام السابق، وفقاً لمعهد ستانفورد للذكاء الاصطناعي المتمحور حول الإنسان.

تمثل هذه الموجة من رؤوس الأموال فجر حقبة اقتصادية جديدة، تتنافس فيها الدول والشركات ليس فقط على الحصة السوقية، بل على الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي ذاته.

تتجاوز تداعيات هذا الارتفاع الهائل حدود التكنولوجيا. فبحلول عام 2030، من المتوقع أن يدرّ الذكاء الاصطناعي ما يقارب تريليوني دولار إضافية من الإيرادات السنوية في الأسواق العالمية، مدفوعاً بالطلب المتزايد على قدرات الحوسبة والأنظمة الذكية.

تتسابق الدول نحو تحقيق السيادة الرقمية من خلال ضخ استثمارات ضخمة في مراكز البيانات والرقائق المتقدمة والحواسيب العملاقة لضمان موقعها في الثورة الصناعية الجديدة القائمة على الذكاء الاصطناعي.

وهكذا أصبحت البنية التحتية للذكاء الاصطناعي رمزًا للقوة الوطنية وركيزة أساسية في بناء المرونة الاقتصادية المستقبلية.

وعلى المستوى المؤسسي، أعادت هذه التحولات رسم خريطة القوى في عالم الأعمال. فالشركات التقنية الكبرى – مثل NVIDIA وMicrosoft وApple وAmazon وAlphabet – تمتلك اليوم مجتمعَةً رأس مال سوقي يفوق 15 تريليون دولار.

وتُجسد شركة NVIDIA وحدها، التي تتجاوز قيمتها 4 تريليونات دولار، الثقل المالي للشركات القائمة على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي.

أما على الصعيد الاقتصادي الكلي، فإن التأثير لا يقل عمقاً. إذ تشير دراسة لشركة PwC إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يضيف 15.7 تريليون دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2030، مدفوعاً بمكاسب الإنتاجية وزيادة الاستهلاك.

وقد تبنت 78% من المؤسسات حول العالم حلول الذكاء الاصطناعي بدرجة ما -ارتفاعاً من 55% في عام 2023- مما يعكس تسارعاً مذهلاً في التحول المؤسسي.

والنتيجة هي قفزة في الكفاءة، وانخفاض في التكاليف، وظهور أسواق جديدة بالكامل قائمة على الأتمتة الذكية.

وفي خضم هذا التحول العالمي، برزت دول الخليج كلاعب رئيس في الثورة الصناعية للذكاء الاصطناعي.

إذ تستثمر المملكة العربية السعودية نحو 600 مليار دولار لتطوير مراكز البيانات وتصنيع الرقائق وتعزيز الخدمات العامة المدعومة بالذكاء الاصطناعي.

بينما خصّصت دولة قطر حوالي 1.2 تريليون دولار لتوسيع بنيتها التحتية في هذا المجال وتعزيز قدراتها البحثية، من خلال دمج الأنظمة الذكية في القطاعات الحيوية.

أما الإمارات العربية المتحدة، فترصد ما يقارب 200 مليار دولار ضمن مبادراتها الوطنية للذكاء الاصطناعي، بما في ذلك صندوق MGX في أبوظبي. تعكس هذه المبادرات مجتمعة طموحاً مشتركاً لجعل الخليج مركزاً إقليمياً للذكاء الاصطناعي والحوسبة الفائقة والتقنيات المتقدمة.

وبحلول عام 2030، يُتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي بنسبة 14% من الناتج المحلي الإجمالي للإمارات، وأن يضيف 135 مليار دولار إلى الاقتصاد السعودي، مما يعزّز مكانة المنطقة في المشهد العالمي للذكاء الاصطناعي.

أما الحكومات، فلم تعد تكتفي بدور المنظم، بل أصبحت شريكاً استراتيجياً في ثورة الذكاء الاصطناعي. فوزارة الطاقة الأمريكية، بالتعاون مع NVIDIA وOracle، تقوم ببناء اثنين من أقوى الحواسيب الفائقة في العالم -Solstice وEquinox- والمزودين بمعالجات Blackwell GPU.

ومع تجاوز طلبات شراء الرقائق حاجز 500 مليار دولار، أصبحت بنية الذكاء الاصطناعي التحتية أصولاً استراتيجية وطنية، تشكل حجر الزاوية في الأمن الاقتصادي.


مصدر الخبر

شاهد أيضاً

سيموس: ندرك صعوبة مواجهة الوصل.. ولكننا أثبتنا قوتنا في المواجهة السابقة

سيموس: ندرك صعوبة مواجهة الوصل.. ولكننا أثبتنا قوتنا في المواجهة السابقة

عمر البلوشي أشار محترف فريق المحرق لكرة القدم البرازيلي إليوت سيموس إلى أن فريقه على …