الشيف تاله بشمي: تمثيل المملكة في إكسبو أوساكا شرف كبير وفرصة لعرض غنى مطبخنا أمام العالم

شكّل جناح مملكة البحرين “تلاقي البِحار” في إكسبو 2025 أوساكا نقطة جذب للزوار من مختلف أنحاء العالم، حيث جمع بين التراث العريق للبحرين وروح الابتكار ومفاهيم الاستدامة. وكان المقهى في قلب الجناح محطة هامة في التجربة الحسية التي قدّمها الجناح، حيث تولت الشيف البحرينية تاله بشمي، الحائزة على عدة جوائز دولية، الإشراف على قائمة الطعام الموسمية للمقهى، والتي مزجت ما بين النكهات البحرينية الأصيلة بالمكوّنات اليابانية الغنية.

وتعتبر الشيف تاله بشمي مشهورة بنهجها في إعادة تعريف المطبخ الخليجي للعالم من خلال مزج النكهات الإقليمية بالتقنيات العصرية والعالمية. ودفعها شغفها المبكر بالطهي إلى نيل درجة الماجستير من أكاديمية فنون الطهي في سويسرا، وصقلت مهاراتها في فندقي “هوتيل ليه تروا روا” و”ريستوران بريزما”. وفي عام 2020، تولّت قيادة مطعم “فيوجنز باي تاله”، وهو مطعم راقٍ يقع في أحد فنادق مملكة البحرين الفخمة، حيث قادته إلى تحقيق مراكز متقدمة ضمن قائمة أفضل 50 مطعمًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، محتلاً المركز الثالث عام 2023، والتاسع عام 2024، والسادس عام 2025، قبل مغادرتها للمطعم أواخر عام 2024.

كانت بشمي من المتأهلات لنهائي برنامج “توب شيف الشرق الأوسط” عام 2019، وحازت على جائزة “أفضل شيف أنثى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” من قائمة “أفضل 50 مطعماً في المنطقة” لعام 2022، كما نالت جائزة النجم الصاعد في حفل The Best Chef Awards 2023، وجائزة “ثري نايفز” (ثلاث سكاكين) في نسخة عام 2024 من الحفل نفسه، بالإضافة إلى جائزة Estrella Damm N.A. Chefs’ Choice لعام 2025. وفي عام 2024، تم تعيينها سفيرة فنون الطهي من قبل منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، تقديراً لدورها في الترويج للتراث الغذائي البحريني على مستوى العالم.

ومع إدارتها لمقهى جناح البحرين في إكسبو أوساكا، حصلت تاله على فرصة جديدة لنقل هوية المطبخ البحريني إلى منصة عالمية، عبر أطباق تحمل في طياتها قصصًا من الثقافة والذاكرة المحلية، وفي هذا الحوار، تكشف الشيف بشمي الكثير من التفاصيل حول هذه المشاركة.

س: في مقهى جناح البحرين في إكسبو 2025 أوساكا، مزجت قائمة الطعام بين النكهات البحرينية والمكوّنات اليابانية، وهي مستوحاة من الرابط المشترك بين البلدين. كيف أردتِ للزوار أن يختبروا البحرين من خلال الطعام؟ وكيف نشأت هذه الفكرة، وما التحديات أو المفاجآت التي واجهتك في الجمع بين هاتين الثقافتين؟

بدأتُ بالعمل على النكهات والمكونات البحرينية التي نشأت معها في صغري والتي تشعرني بالانتماء للوطن، مثل “المهياوة” والليمون الأسود، والتي غالبًا ما أستخدمها في صنع أطباقي، ثم سعيتُ إلى إيجاد طرق جديدة للتعبير عنها. كان موضوع جناح البحرين “تلاقي البِحار” رابطًا طبيعيًّا بين بلدين، البحرين واليابان، حيث ساهم البحر في تشكيل تاريخهما وثقافتهما ومطبخهما منذ القدم. لم يكن هدفي في مقهى الجناح هو تقديم المطبخ البحريني كما هو، بل أردت عكس تقاليد وثقافة الطعام لكلتا الثقافتين. فكل طبق يحتوي على عنصر مألوف من الوطن، لكنني أعدت تصوّره باستخدام مكونات يابانية، بحيث يخرج الزائر، ليس فقط بشعور من الرضا، بل بدافع الفضول والرغبة في التعرّف أكثر على البحرين وزيارتنا والتواصل معنا بما يتجاوز تجربة الطبق.

س: برأيك، كيف يمكن للطعام أن يعمل كسفير ثقافي؟ وهل شعرتِ أن الزوار في أوساكا اكتشفوا البحرين بطريقة جديدة من خلال أطباقك؟

يعدّ الطعام من أصدق الوسائل لرواية قصة المكان الذي ننتمي إليه. يمكنك الحديث عن التاريخ أو عرض الصور، لكن عندما يتذوق شخص طبقاً ما، فهو يعيش تجربة: التوابل، والقوام، وطريقة تركيب المكونات، وهذا هو جوهر الثقافة بشكل ملموس. في أوساكا، كنت أرى الناس يكتشفون البحرين من خلال تلك النكهات. ربما لم يعرفوا ما هي “المهياوة” أو كيفية استخدام الليمون الأسود، لكن بمجرد أن تذوقوها إلى جانب مكونات يابانية مألوفة لهم، أصبح الأمر سهلًا وممتعًا، وانفتح لهم باب جديد للتعرف على البحرين. وهنا يكمن دور الطعام كسفير ثقافي: صنع جسور دون الحاجة إلى ترجمة.

س: رحلتك من المنامة إلى أوساكا مليئة بالتحولات. ما التجارب الشخصية التي أحضرتها معك لهذا المشروع تحديدًا؟

زرتُ اليابان قبل سنوات طويلة في رحلة فردية حيث تجولت حينها في البلاد لأتعمّق في ثقافتها وأتعلّم مهارات طهو جديدة. كانت من أكثر التجارب التي غيّرت مساري في الطهي. في أوساكا اليوم، رأيت الزوار يكتشفون البحرين بطريقة لم يعرفوها من قبل. ربما لم يكونوا على دراية بنَكهات مثل الكركديه والهيل والتمر الهندي، أو بكيفية استخدامنا للتوابل مع اللحوم والأسماك، لكنهم تعرّفوا عليها حين قُدمت لهم بأسلوب مألوف. أردتُ أن أثير فضولهم، وأفتح باب الحوار معهم، وأجعلهم يغادرون وفي داخلهم رغبة في استكشاف ثقافتنا بما يتجاوز حدود هذه الأطباق.

س: ماذا يعني لك أن تمثّلي البحرين في حدث عالمي مثل الإكسبو؟ وكيف تترجمين تصنيف جناح البحرين ضمن قائمة أفضل عشرة أجنحة يجب زيارتها؟

أن أكون مديرة الطهي لمقهى جناح البحرين في إكسبو 2025 هو شرف كبير، فقد كانت فرصة لتمثيل بلدي في هذه المنصة العالمية من أجل عرض غنى مطبخنا ومكوّناتنا أمام العالم. الأمر يتجاوز الطعام، فهذه وسيلة لحمل قصص البحرين ونكهاتها وروحها إلى مكان يمكن لملايين الزوار أن يختبروها مباشرة. بالنسبة لي، الطعام وسيلة لكي نعبّر عن ذواتنا: تاريخنا، وارتباطنا العميق بالبحر والأرض، ودفئنا، في شكل يستطيع الناس تذوقه وتذكره. سماعي أن جناح البحرين صُنّف ضمن أفضل عشرة أجنحة للزيارة يجعلني فخورة، ليس فقط كطاهية، بل كبحرينية. هذا الإنجاز هو ثمرة جهود كل من عمل على إيصال قطعة من البحرين إلى أوساكا ومشاركتها مع العالم.

س: كيف تتصورين مستقبل المطبخ البحريني على الساحة العالمية بعد هذه التجربة؟

أرى المطبخ البحريني يتقدم نحو مساحة يمكن فيها الاعتراف بعمقه وتاريخه وإبداعه، ليس فقط حول منطقة الخليج، بل على المستوى الدولي. هذه التجربة أثبتت لي أنه عندما نقدم نكهاتنا بصدق وثقة، يكون الناس متحمسين للتعرف أكثر علينا. آمل أن تلهم هذه المشاركة المزيد من الطهاة البحرينيين ليعرضوا مطبخنا بطريقتهم الخاصة، حتى يصبح جزءًا من هذا الحوار العالمي.

س: ما الرسالة التي تودين أن يتعلّمها الطهاة الشباب من مشاركتك في إكسبو 2025؟

أن يبقوا أوفياء لأصولهم، لكن من دون خوف من التطور والتقدّم. أن يتعلموا من الثقافات الأخرى، أن يسافروا، ويتذوقوا، ويخوضوا التحديات، لكن أن يحملوا قصتهم الخاصة دائمًا في أطباقهم. هذا ما يجعل أسلوبهم في الطهي فريدًا. العالم لا يحتاج نسخة أخرى مما هو موجود بالفعل؛ بل يحتاج لصوتهم الخاص على متمثلًا على أطباقهم.

س: أي طبق من القائمة برأيك أكثر تميّزًا من غيره، ولماذا؟

من الصعب اختيار طبق واحد فقط. كل طبق في مقهى الجناح مثّل مملكة البحرين بطريقته الخاصة. بعضها سلط الضوء على ارتباطنا بالبحر، والبعض الآخر أبرز التوابل أو طرق الطهو التقليدية. لم أرد حصر التجربة في طبق واحد، لأن البحرين ليست نكهة واحدة ولا قصة واحدة. أردت أن أُظهر أن الأطباق اليومية البسيطة التي نتناولها هي ما يمنح المطبخ البحريني تميّزه.

س: عند خروج زائر من مقهى جناح البحرين بعد تذوّق أطباقك، ما الانطباع أو الشعور الذي أردت أن يحمله معه؟

أردته أن يغادر وفي داخله فضول، ذلك الشعور الذي يدفعه للتعرف أكثر على البحرين وشعبها ومطبخها. آمل أن يشعر أنه تذوق طعامًا صادقًا وأصيلاً، ومع ذلك يحمل الكثير من المفاجآت. أردته أن يخرج وحاله يقول: “لا بد لي أن أزور البحرين”. وعند ذلك أكون أنا قد أنجزت مهمتي.


مصدر الخبر

شاهد أيضاً

الملك يلتقي الرئيس الأمريكي ويشيد بجهوده في التوصل إلى اتفاق السلام في غزة

الملك يلتقي الرئيس الأمريكي ويشيد بجهوده في التوصل إلى اتفاق السلام في غزة

التقى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه الله …