في زمن التحوّلات الكبرى، لا تصنع الدول مكانتها بالتمنّي، بل بصياغة واقعٍ جديد يرتكز على الرؤية والبصيرة والاستثمار في الإنسان والمكان. وهذا ما تجسّده مملكة البحرين، بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظّم، حفظه الله ورعاه، وبتوجيهاتٍ ومتابعةٍ حثيثة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وليّ العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، من خلال الاستضافة المتزامنة لحدثين استثنائيين شكّلا معاً لوحةً تعكس ثقل المملكة السياسي والاقتصادي: منتدى بوابة الخليج 2025، الذي أقيم تحت شعار «إعادة التفكير في الاستثمار العالمي والتحوّلات التجارية الجديدة»، وحوار المنامة للأمن الإقليمي في نسخته الحادية والعشرين.
أوّل ما يلفت الانتباه في منتدى بوابة الخليج 2025، الذي انعقد يومي 2 و3 نوفمبر 2025، هو حجم المشاركة الدوليّة ونوعيتها؛ إذ اجتمع أكثر من 200 شخصية من وزراء وصنّاع قرار ومستثمرين من داخل المنطقة وخارجها، ليكون منبرًا يُعاد فيه التفكير في مستقبل الاستثمار العالمي، إلى جانب ما يعكسه ذلك من ثقةٍ متنامية تحظى بها البحرين كمركزٍ استثماريٍّ إقليمي. وقد أُعلن خلال المنتدى عن اتفاقياتٍ وشراكاتٍ استراتيجية تجاوزت قيمتها 17 مليار دولار، توزّعت على قطاعاتٍ حيويّة كالصناعة والخدمات المالية والتكنولوجيا والسياحة؛ وهو ما يعكس البيئة الاقتصادية الجاذبة التي أرستها المملكة عبر إصلاحاتٍ تشريعية ومبادراتٍ استراتيجية ذكيّة، ممّا رسّخ مكانة البحرين كمنصّةٍ مثلى للاستثمار المستدام ونموذجٍ للانفتاح والتنوّع الاقتصادي.
وبرزت البحرين كمركزٍ إقليميٍّ للابتكار والتكنولوجيا من خلال منح أربعِ رخصٍ ذهبية لمشاريع استثمارية نوعية تعكس التوجّه الوطني نحو اقتصادٍ معرفي ورقميٍّ مستدام؛ شملت مركزَ بياناتٍ سحابياً سيادياً، وشراكاتٍ لتطوير الطاقة المتجدّدة، ومشروعاتٍ صناعيةً وغذائيةً متقدمة. كما شهد المنتدى إطلاق حزمةٍ من المنتجات الاستثمارية الجديدة وتوقيعَ مذكراتِ تفاهم تُسهم في ربط الخليج بالأسواق الآسيوية والعالمية، بما يعزّز موقع البحرين كبوابةٍ استراتيجية بين الشرق والغرب.
وعلى ضفّة الحوار والسياسة، احتضنت المملكة النسخة الحادية والعشرين من حوار المنامة بمشاركةٍ واسعةٍ ضمّت أكثر من 700 شخصية من 65 دولة، من بينهم وزراء وقادة دفاع وخبراء استراتيجيون. هذا الحضورُ والزخمُ الإعلامي الذي صاحب الحدث شكّل انعكاساً صريحاً للمكانة السياسية التي تحظى بها المملكة كملتقى للفكر السياسي والدبلوماسي. وقد عكست الجلساتُ – التي حظيت باهتمامٍ إعلامي دولي – توافقاتٍ استراتيجية تجاوزت القضايا الأمنية المباشرة إلى مفاهيم التنمية المستدامة، وأمن الملاحة، والتحوّلات النووية، والأمن السيبراني، في نقاشاتٍ عميقةٍ تستشرف التحوّلات العالمية وتسعى إلى صياغة حلولٍ واقعيّة عبر الدبلوماسية والحوار الهادف.
لم تكن مساهمة المملكة في هذه الحوارات محصورةً في التنظيم؛ بل كانت البحرين فاعلاً ومؤثّراً، مستندةً إلى نهجٍ دبلوماسيٍّ متّزن يؤمن بأن الحوار هو الوسيلةُ الفضلى لحلّ النزاعات، وأن الأمن لا ينفصل عن التنمية. وجاءت إشادةُ المشاركين لتؤكّد أنّ البحرين، بفضل موقعها الجيوسياسي الفريد ورؤيتها المعتدلة، أصبحت منصّةً موثوقة لصناعة القرار الجماعي.
إنّ ما تحقّق في منتدى بوابة الخليج وحوار المنامة من اتفاقياتٍ بارزةٍ وأفكارٍ مبتكرة ليس إلا ثمرةَ رؤيةٍ بحرينيةٍ متقدّمة ترى في التحدّيات فرصًا، وفي الشراكة منهجًا، وفي الابتكار مسارًا للتنمية. ومثلما كانت البحرين ولا تزال سبّاقةً في صناعة مسارات التلاقي والتفاهم، فإنها اليوم تُعيد ترسيخ مكانتها كدولةٍ مؤثّرةٍ وشريكٍ موثوقٍ في صياغة مستقبل المنطقة.
وفي ظلّ هذه المسيرة الواثقة، تمضي المملكة قُدمًا في تجسيد رؤيتها الطموحة نحو اقتصادٍ متنوّعٍ وأمنٍ مستدام، مؤكِّدةً أنّ البحرين ليست مجرّد موضعٍ على الخريطة، بل عقلٌ في قلب العالم، وصوتٌ ينادي بالحوار حين تتعثّر السياسات، ويؤمن بالتنمية حين تشتدّ الأزمات.هنا، من قلب الخليج، تقول البحرين للعالم: الحوارُ قوّة، والاستثمارُ رسالة.. ونحن مستعدّون للمستقبل.
مصدر الخبر
أخبار مصر اليوم اخبار مصرية حصرية